تشهد مفاوضات الميزانية حاليًا جمودًا تامًا. إذ يعجز المشرعون عن التوصل إلى اتفاق بشأن ميزانية الدولة لعام 2026، لا سيما فيما يتعلق بالإيرادات. وفي خضم ذلك، ألقت المنافسات السياسية واحتمالية الانتخابات الرئاسية لعام 2027 بظلالها على المناقشات، مما يجعل أي حل وسط أمرًا بالغ الصعوبة.
تبرز انقسامات عميقة بين جناح يميني يقوده مجلس الشيوخ، يدعو إلى تشديد الرقابة على المالية العامة وإعادة هيكلة الإنفاق، وبين جناح يساري يطالب بزيادة الإيرادات وفرض قيود على تخفيضات الميزانية. وقد أدى هذا الانقسام إلى جمود برلماني مطوّل.
ما هي الحلول المتاحة للحكومة؟
في هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو نيته إحالة الأمر إلى مجلس الدولة للاستعانة بقانون خاص. ستتيح هذه الآلية إمكانية تمديد ميزانية عام 2025 مؤقتًا، ما يضمن استمرارية العمل الحكومي، ولا سيما تحصيل الضرائب، ريثما تُستأنف مفاوضات الميزانية في مطلع عام 2026. كما يمكن للحكومة اللجوء إلى المادة 49.3 لفرض اعتماد ميزانية جديدة في حال تعذر التوصل إلى حل، إلا أن مثل هذه الخطوة ستُعتبر معادية للديمقراطية وستُقابل باستياء شديد.
الأثر على الأسواق المالية
على الرغم من هذا الحل الانتقالي، يستمر النشاط الاقتصادي في فرنسا في ظل مناخ من عدم اليقين السياسي، وهو وضع ينعكس بوضوح على الأسواق المالية. ويُعد سوق السندات أول المتضررين. وتتأثر عوائد السندات طويلة الأجل بشكل خاص: فقد ارتفع عائد سندات الخزانة الفرنسية لأجل 10 سنوات بشكل مطرد منذ مطلع عام 2024، ما يعكس اتساع علاوة الأجل مع استمرار غياب استجابة فعّالة للتراجع المالي. ويتزايد تشكك المستثمرين في قدرة المؤسسات على كسر الجمود سريعًا. يُؤدي هذا إلى حلقة مفرغة، حيث يُؤجّج عدم اليقين ارتفاع العائدات، مما يُعزز بدوره حالة عدم اليقين من خلال زيادة تكاليف الاقتراض.
وقد سبق أن أبرزت وكالة فيتش هذه المخاوف عندما خفّضت التصنيف السيادي لفرنسا في سبتمبر الماضي. في ذلك الوقت، أشارت الوكالة إلى أن التشرذم السياسي وعدم استقرار الحكومة - مع وجود ثلاث حكومات منذ الانتخابات التشريعية المبكرة في منتصف عام 2024 - يُضعفان قدرة البلاد على تنفيذ إجراءات ضبط مالي فعّالة. كما اعتبرت فيتش عودة العجز العام إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2029 (الهدف المعلن لحكومة بايرو) أمرًا غير مرجح، مع تحذيرها من أن تكثيف الحملة الرئاسية لعام 2027 سيُضيّق الخناق على هامش المناورة المالية.
وبغض النظر عن المستوى الحالي للعجز، فإن ما يُقلق الأسواق أكثر هو استمرار الجمود البرلماني، الذي لا تزال نتائجه غير مؤكدة، والذي قد يمتد إلى ما بعد المواعيد النهائية للانتخابات القادمة.
يقترب عائد السندات لأجل 10 سنوات الآن من 3.60%. شهدت أسواق السندات الفرنسية تصاعدًا في التوتر خلال الأيام الأخيرة، حيث اقترب عائد السندات لأجل 10 سنوات مجددًا من عتبة 3.60% الحرجة. وسيؤدي تجاوز هذا المستوى بشكل مستمر إلى زيادة خطر تجدد الضغط على الدين السيادي الفرنسي. وهذه هي المرة العاشرة منذ مارس التي يتم فيها اختبار هذه العتبة.
وقد أثرت هذه الشكوك أيضًا على أسواق الأسهم الفرنسية، التي تراجع أداؤها مقارنةً بمعظم المؤشرات الأوروبية الأخرى منذ بداية العام. فعلى سبيل المثال، حقق مؤشر كاك 40 مكاسب متواضعة نسبيًا بلغت 10.43%، بينما سجلت المؤشرات الأوروبية الرئيسية ارتفاعات أقوى بكثير: فقد ارتفع مؤشر داكس الألماني بنسبة 21.57%، ومؤشر إيبكس 35 الإسباني بنسبة 47.80%، ومؤشر فوتسي ميب الإيطالي بنسبة 29.89%.
ربما يكون تسامح السوق مع عدم اليقين السياسي قد بلغ حدوده القصوى: فقد يكون عام 2026 عام الحساب.
الولايات المتحدة: تفاؤل متجدد في بداية الأسبوع
التقويم الاقتصادي: الأسواق قبل موسم الأعياد؛ بيانات مؤشر أسعار المنتجين الإيطالي في الخلفية
عاجل: ارتفاع طفيف في سعر صرف GBPUSD بعد صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة
حصاد الأسواق (22.12.2025)